اليوسف للمسحوبة جناسيهم: أنتم بدون وسيتم ترحيلكم!
في مقابلته المقتضبة التي أجراها مع شبكة "سراة" الإخبارية أمس، تحدث الوزير فهد اليوسف، عن الملف الذي بات الشغل الشاغل في البلد منذ أشهر. وإن كان كلامه ارتجالي غير مدروس ومجهز مسبقًا، لكنه حمل في طياته الكثير من النقاط التي من الواجب الوقوف عندها وإبداء الرأي فيها.
*بيع العقارات
بداية تحدث اليوسف عن حركة غير اعتيادية في سوق العقار، وأن العديد من المواطنين والمواطنات بدأوا ببيع عقاراتهم خشية (كشفهم) أي سحب جناسيهم، استدرك الوزير سريعًا أنه لا يملك دليلًا على أسباب حركة البيع تلك وهل فعلا هي مرتبطة بالمزورين والمزدوجين الذين باتت تلاحقهم الدولة.
الحقيقة إن أي مواطن يريد حاليا بيت عقاراته (على الأغلب منزل أو شقة، وليست عقارات عديدة)، فالأمر راجع إلى الدولة التي لم تعد دولة منذ أشهر، وباتت تسحب وتسقط الجناسي دون حسيب أو رقيب، بل طالت من تعتبرهم هي كحكومة أشخاص غير مخالفين للقانون، مثل حملة المادة الثامنة من المواطنات الفاضلات، والمادة الخامسة من أبناء الكويتيات، والكويتيين وفق بند "الخدمات الجليلة".
ولو ذهبنا أبعد من ذلك إلى من تتهمهم الدولة بالتزوير أو الازدواجية، فنحن هنا نتحدث عن 99٪ منهم لم يكونوا هم المتهمين المباشرين بعملية "التزوير أو الازدواجية"، بل آبائهم أو أجدادهم الذين فارقوا الحياة ولم يعودوا موجودين للدفاع عن أنفسهم أمام تهم الحكومة.
ثم إن الحكومة لا تحتاج إلى رفع أدلتها بالتزوير أو الازدواجية إلى جهة قضائية أو مستقلة، يكفي أن يعتبر الوزير اليوسف فلان من الناس مزدوجاً أو مزوراً حتى يعاقب هو وعائلته كلها بسحب جناسيهم بشخطة قلم.
والتعديلات الأخيرة لقانون الجنسية كانت أسوأ، إذ حملت في طيّاتها إجازة بإسقاط الجنسية عن الكويتيين بصفة أصلية من حملة "المادة الأولى"، إذا ما اتهموا بـ "خدش الولاء"، وما الكلام الذي باتت تروجه حسابات وهمية محسوبة على اليوسف عن إسقاط جنسية السيدة لولوة الحسينان إلا دليل آخر على مجزرة الجناسي التي لم تعد تستثني أحداً، فالأخت الحسينان لم تتطاول على مسند الإمارة ولم تخاطب سمو الأمير إلا بما يليق، وكل خلافها مع اليوسف وممارساته الخارجة عن إطار القانون والدستور.
وعليه فإن أي كويتي يقوم ببيع عقاراته لا يمكننا أن نلومه أبدا، فهو لم يعد يثق بالحكومة التي أصبحت عملية تجميد الحسابات البنكية للمواطنين عندها أسهل من شربة الماء، فضلًا عن أي إجراءات أخرى.
*إعادة الجناسي الأصلية لمعظم كويتيات المادة الثامنة!
وبالعودة إلى لقاء اليوسف السريع، تحدث أيضاً عن إعادة الجناسي الأصلية لحملة المادة الثامنة. زعم اليوسف أن معظم الدول أعادت أو تعمل على إعادة الجناسي الأصلية لهن، لكنه كالعادة تحاشى ذكر أي دولة بحد ذاتها، فما نعلمه حتى الآن أن الكويتيات من أصول خليجية (سعودية تحديداً) معظمهن لن يستطعن من استعادة جناسيهن الأصلية رغم المناشدات والتواصل مع الجهات المختصة، هذا فضلا عن أن عدد من السيدات لا يرغبن بالعودة لجناسيهن الأصلية لأسباب كثيرة أهمها وأبرزها مستقبل أبنائهن الذين باتوا يتعرضون لتمييز فاقع وواضح في التوظيف في السلك العسكري والدبلوماسي والقضائي بشكل خاص.
*لا عقود سنوية لكويتيات المادة الثامنة
نفى اليوسف أيضاً وجود عقود سنوية لكويتيات المادة الثامنة المسحوبة جناسيهن، متحدياً الصحفي بإبراز أي عقد حكومي سنوي، والحقيقة أننا هنا أما معضلة أخرى جديدة، تتمثل في عدم الخشية من الكذب العلني، وهو الأسلوب الذي لاقى رواجاً عالميا على مستوى السياسيين منذ تولي ترامب رئاسته الأولى (2016-2020)، حيث أصبحت الحقيقة أمراً غير مهمًا وبات السياسي لا يتحرج من الكذب العلني الظاهر دون خشية من أي تبعات لأكاذيبه. وكذلك فعل اليوسف بنفيه ما أقره ديوان الخدمة المدنية وما اضطرت عدد من السيدات المسحوبة جناسيهن القيام به، بالتوقيع على تلك العقود السنوية، لضمان استمرار حصولهن على الراتب بشكل منتظم من أجل تغطية تكاليفهن والتزاماتهن المالية الشهرية.
*تقاعد كويتيات المادة الثامنة
ربما الشيء الإيجابي الوحيد الذي تكلم عنه اليوسف كان ما يتعلق باشتراكات التقاعد التي دفعت من قبل حملة المادة الثامنة، حيث ألمح إلى امكانية استمرارهن في دفع الاشتراكات، وجزم أن من لا تريد الاستمرار في ذلك يمكنها استرداد مبالغ اشتراكاتها كاملة، لكننا مجددا نتحدث عن شخص يقول أي شيء بإمكانه تقليل الهجوم عليه، لكنه ليس بالضروة ملتزم بكل ما يقوله، والدليل زعم معاملة الكويتي لهن، فيما يتم ترحيل سيدة من أصول مصرية لمصر بعد احتجازها لأيام فقط لأنها تحدت اليوسف بانفعال وقالت أنها تريد استعادة جنسيتها الكويتية.
وتأكيدا لما نقوله، يمكننا الاستماع إلى إجابته حين سؤاله عن قانون البدون الذي وعد بإنجازه (أواخر ديسمبر) خلال شهرين، فيما المهلة التي حددها لنفسه، قد تجاوزناها منذ أسبوعين، مع عدم وجود أي تسريبات أو أخبار عن العمل على قانون للبدون أو الاقتراب من الانتهاء منه.
*المزور بدون وسيتم ترحيله لبلد يقبل به!
أما أسوأ ما قاله اليوسف فهو عن من سحبت جناسيهم بتهمة التزوير، حين قال إن هؤلاء يعتبرون اليوم بدون، وعليهم مراجعة الجهاز المركزي للحصول على أوراق ثبوتية والسير في الإجراءات، وقال ما نصّه "اليوم عندنا المزور، على ما نلقى له ديرة يروح لها، نعتبره بدون، والبدون قاعدين يزيدون"، هكذا تحدث اليوسف عن نواياه للتعامل مع هذه الفئة من المواطنين الذين سحبت جناسيهم في ظروف غير واضحة مشكوك فيها. هو يريد نفيهم/ترحيلهم إلى أي دولة قد ترضى استقبالهم، وذلك أمر غاية في الخطورة، إن قامت به الحكومة فقد يؤدي إلى توترات وربما اضطرابات أمنية أو حتى أعمال عنف، فمن ولد كويتيا وتزوج وأنجب أبناء كويتيين ويرى هذا البلد وطنه، وفجأة أصبح بلا جنسية لأن جده متهم بالتزوير، ويستمع إلى الوزير يعبر عن نيته الواضحة بترحيله إلى أي دولة تقبل به، على الأغلب سيفكر بالقيام بأي شيء لعدم السماح بذلك، وربما غضبه مما يحدث له يدفعه للقيام بأعمال عنف أو ارتكاب جرائم لا سمح الله.
*سحب الجناسي مثل شربة الماء
نهاية يجيبنا الوزير عن حقيقة الوضع الذي نعيشه، حين سئل عن الفنانين الذين حصلوا على الجنسية وفق بند الخدمات الجليلة، هل سيتم سحب جناسيهم كما حصل مع داوود حسين ونوال، أجاب على الفور مخاطبا الصحفي "ماكو فنانين خدمات جليلة، عندك أحد تعرفه أنا ما أعرفه؟ عطني اياهم، باجر نسحبهم مو أحسن من غيرهم". هكذا يتحدث الوزير بصراحة ووضوح، أنه بإمكانه سحب جنسية أي شخص خلال أقل من يوم دون تحقيق أو مراجعة أو أي شيء، وهذا بالفعل ما تعيشه الدولة منذ أشهر، فيما نحن ذاهبون للمجهول وقد دخلنا نفقا مظلما لم يعد أحد منا قادر على اكتشاف النور الذي في نهايته.
حمى الله البلاد والعباد من كل مكروه
وللحديث تتمة
تعليقات
إرسال تعليق