ردًا على كلام اليوسف في ديوان الزلزلة: فلتكن جريئًا في تحمّل تبعات خلق فئة جديدة من "البدون"



جميعنا شاهد المقطع القصير المصور للوزير اليوسف خلال زيارته ديوان الزلزلة في الدسمة، المقطع الذي لم يتجاوز الدقيقتين كان مليئًا بما يجب التوقف عنده والحديث عنه.

بداية يبشرنا اليوسف أن الحكومة قررت ممارسة صلاحيات السلطة التشريعية التي تم حلها بشكل غير دستوري، بتعديل قانون الجنسية، والذي لن تكون فيه المادة الثامنة موجودة أساسًا. هكذا قرر اليوسف بإرادة منفردة أن يعدل واحدًا من أهم وأكثر القوانين حساسية في البلاد. ولد فهد اليوسف في العام 1959، وللمفارقة فهو العام ذاته الذي وضع فيه الآباء المؤسسين تحت قيادة أبو الدستور الشيخ عبدالله السالم قانون الجنسية. فأي مهزلة هذه أن يقوم شخص واحد بات يمسك بالصلاحيات التشريعية والتنفيذية منفردًا، بتعديل قانون تم الإعداد له وهو - أي الوزير - لم يولد بعد على الأرجح.

بعد أن بشرنا الوزير بذلك، طمأن من تزوجوا بغير الكويتيات، أن شيئًا لم يتغير عليهم. أكد لهم أنه سيمنح زوجة الكويتي إقامة تمتد لـ 15 عامًا، وليس من الواضح ما الذي سيحدث بعد الأعوام الـ 15 تلك. ربما يقرر الوزير إن كان على قيد الحياة حينها ويمسك بالوزارة أو الحكومة أو ما هو أكثر من ذلك، أن "يمرمط" المواطن المتزوج من غير كويتية قليلًا، بإلغاء إقامة الـ 15 عامًا والعودة للنظام القديم الخاص بالإقامة السنوية القابلة للتجديد.

يشرح اليوسف للحاضرين قائلاً "إلى راح يصير، بس جنسيتها رجعت لها، جميع حقوقها إلي كانت تاخذها ككويتية موجودة، هذا للمادة الثامنة مو المزور، والمزورين وايد". هنا كانت أولى كذبات اليوسف العلنية والصريحة، فزوجة الكويتي المسحوبة جنسيتها، المتقاعدة وقف معاشها التقاعدي، والعاملة في القطاع الخاص أوقف مخصص دعم العمالة لها، وتلك العاملة في القطاع الحكومي أوقف مرتبها الشهري أيضًا" ولا يبدو بأي حال من الأحوال أنها ستحافظ على امتيازاتها السابقة كما يزعم، بل ما يشاع أن جهات حكومية قامت بإعداد عقود الوافدين للمسحوبة جناسيهن، والتي بموجبها خفضت معاشاتهن للنصف تقريبًا، هذا غير الإذلال الذي باتت تتعرض له المسحوبة جنسيتها والتي مطلوب منها مراجعة الجهاز المركزي للبدون، وإحضار براءة ذمة من 22 جهة حكومية لصرف بطاقة بدون لها، مدتها ثلاثة أشهر.

يطمئن الوزير اللاتي حصلن على الجنسية وفقاً للمادة الثامنة في السبعينات أن أحداً لن يتعرض لهن، ومن اللطيف أن يخاطب الوزير من بلغن من العمر ما لا يقل عن 70 عامًا، واللاتي أعطين الجنسية منذ أكثر من 50 عامًا أنهن غير معنيات بالحملة التي يشنها حامي حمى الهوية الوطنية.

في نهاية المقطع المصور لحديث اليوسف، يشرح قليلاً "أنا أرجع أقول لك في سنة معينة، هي الفاصل بين المرسوم والقرار الوزاري، وكلهم - أي من صدرت بحقهم قرارات تجنيس وفقاً للقانون - كانوا شراء ولاءات"، وهنا مربط الفرس، حيث يؤكد اليوسف أن حكومته قررت السير قدمًا في تعديلات قانون الجنسية الصادرة في 1986 والتي رفضها مجلس الأمة عام 1995*، في مخالفة دستورية صريحة، لم يعد يكترث لها الوزير، لأنه ببساطة هو الذي يملك السلطة التشريعية والتنفيذية في آن واحد. هكذا بكل جرأة وصفاقة قرر الوزير أن رأي ممثلي الشعب والدستور والقانون كله لا يعني شيئًا له، وهو مستمر في سحب جناسي الكويتيات وفق المادة الثامنة وآخرين على ما يبدو تحت حجة أو أخرى حتى يصل لتلك النقطة التي يرضى فيها العنصري المريض من أصحاب الدماء الزرقاء عن الحكومة.

أما حديثه عن أن كل من تم تجنيسهن وفق المادة الثامنة كان لشراء الولاءات، فهذا تعميم الكل يعلم أنه غير صحيح، وهو يعلم أنه لا يستطيع إثباته، إلا أنه يعلم في الوقت نفسه أن أحدًا لن يقف أمامه ويتحداه لإثبات ادعاءاته بالحقائق والقرائن.

نهاية من المهم الإضاءة على ما لم يقله الوزير هو ما يتعلق بمعظم من سحبت جنسياتهن الكويتية، ورفضت دولهن إعادة الجناسي لهن. إشاعة إعادة المملكة العربية السعودية الشقيقة الجنسية للسيدات اللاتي تنازلن عنها لزواجهن من كويتيين ورغبتهن في الحصول على الجنسية الكويتية سرعان ما ردت عليها السفارة السعودية في الكويت بالنفي، ومن المتوقع أن معظم الدول المعنية ترفض إعادة الجنسية لمن تخلى عنها طواعية لاكتساب جنسية بلد آخر، وهنا تكمن المشكلة، في أن الوزير يتحاشى أي مساءلة شعبية عن فئة البدون الجديدة التي ستخلقها قراراته غير القانونية والدستورية، هو حتى الآن لم يمتلك الجرأة لتحمل تبعات قراراته، ويعمل من خلال زياراته للدواوين على تغيير مزاج الرأي العام الذي بدأ ينقلب عليه وعلى إجراءاته التعسفية. لكن مهمة إقناع الرأي العام (خصوصاِ في حالات المعارضة والغضب) مهمة شاقّة على أي سياسي، وهي أكثر صعوبة على من لا يملك أي إلمام بالعمل السياسي أو خبرة في أصول الحديث الدبلوماسي، وكل مؤهلاته حتى الآن لا تتعدى حمض نووي جاء به من صلب أحد أبناء الأسرة، لا أكثر.


* في العام 1986 وبعد عام واحد من حل مجلس الأمة بشكل غير دستوري، مررت الحكومة تعديلات على قانون الجنسية خاصة بالمادة الثامنة، حيث حدد القانون مدة 15 سنة من الزواج منذ إعلان الرغبة لتجنيس زوجة الكويتي بدلا من 5 أعوام، كما استبدل آلية منح الجنسية في المادة الثامنة من القرار الوزاري إلى المرسوم الأميري. عاد مجلس الأمة للانعقاد في العام 1992 بعد التحرير، وعرضت الحكومة هذه التعديلات على مجلس الأمة في العام 1995 إلا أن المجلس قرر رفضها، لتعود آلية منح الجنسية وفقاً للمادة الثامنة إلى قرار من وزير الداخلية كما كان معمول به في السابق.


وللحديث تتمة



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تصنع 100 ألف معارض في 60 يوما؟

لجنة التظلمات تباشر أعمالها… ما العمل؟

الوزير اليوسف يكذب عليكم: جوازات كويتيات المادة الثامنة الزرقاء هي نفسها جوازات المادة 17