هل تم خطف سلمان الخالدي؟

بدأت سنتنا الجديدة بخبر جديد أنسانا خسارة المنتخب في الدور نصف النهائي أمام البحرين، خبر أصبح محط جدل منذ لحظاته الأولى، حين أعلنت الداخلية استلام الشاب سلمان الخالدي المحكوم بعدد من أحكام السجن في أكثر من قضية.


أنا هنا لا أكتب دفاعًا عن الخالدي، كما وإنني لا أتبنى أيًا من آرائه التي طالما وجدتها مادة للسخرية والتندر، أكثر من كونها خطاب معارض رصين وحقيقي، بل أنظر للخالدي منذ مدة طويلة إنه شاب ضلّ طريقه، ويحتاج مد يد العون له بتوفير العلاج النفسي اللازم له، بدلًا من ملاحقته والتعامل معه بمنتهى القسوة، لكن بالتأكيد لكل كلمة ثمن، وطالما قرر الخالدي التعرض لرموز الدولة بكلمات استفزازية ونابية، فهو لا يتوقع أن تنظر له الدولة بنظرة الشفقة والعطف، بل عليه توقع أن تتم ملاحقته ومضايقته من الحكومة طالما هي قادرة على فعل ذلك.


لكننا هنا لا نحاكم الخالدي على ما قاله، بل نتحدث عن وضعه القانوني وتسليم العراق له. ومن الجيد هنا أن نذكر أن سلمان لاجئ سياسي في بريطانيا، وعلى حد علمي فإنه حصل على اللجوء السياسي، أي أنه يمتلك وثيقة سفر (جواز سفر) لاجئ صادر عن المملكة المتحدة، وإن هذا الجواز يأخذه إلى عدد لا بأس فيه من دول العالم لكن ليس كبريطاني، بل ككويتي لاجئ في بريطانيا.

أما الكويت فأسقطت جنسيته قبل مدة، إثر مواصلته التعرض للمقام السامي دون توقف، أي أنه لم يعد كويتيًا، وهو لم يصبح بريطانيا بعد، لكنه كلاجئ في بريطانيا فهو قد طلب حماية الدولة من الكويت التي يراها تهديدا أو خطرا على حياته.


دخل سلمان للعراق قبل أسابيع بوثيقة سفر بريطانية خاصة باللاجئين. قبل سفره للعراق زار السفارة العراقية في لندن لاستخراج تأشيرة دخول، أي أن الحكومة العراقية منحته تأشيرة الدخول وهي على علم مسبق بمجيئه لها ودخوله أراضيها، وهو لم يصل فجأة لهم. خلال تواجده في العراق استخدم وسائل التواصل الاجتماعي وواصل تعديه على الكويت، وعلى ما يبدو من البيانات الرسمية والأخبار المنشورة في الصحف المحلية فإن العراق ألقى القبض عليه في مطار بغداد خلال محاولته مغادرة البلاد متجها إلى لندن، وقام بتسليمه للكويت بناء على مذكرة قبض كويتية سابقة معممة على الانتربول.


لو افترضنا أن ذلك صحيح، كان على العراق تسليم الخالدي لدى وصوله لبغداد قبل أسابيع بسبب وجود مذكرة حمراء صادرة بحقه (انظر قضية الرياضي البحريني حكيم العريبي)، لكن العراق لم يقم بذلك بل سمح له بالدخول ما يعني عدم وجود أي مذكرة حمراء صادرة بحقه من شرطة الانتربول.

أثناء تواجده في العراق وبتعرضه لحكام الكويت، فقد خالف الخالدي القوانين العراقية، لكن كل ما يمكن أن يتعرض له هو مقاضاته في المحاكم المحلية بتهمة التعرض لدولة شقيقة.


من الممكن أن الخالدي كانت بحوزته وثائق أو هويات كويتية مثل (رخصة السياقة أو البطاقة المدنية)، وهو ما يخوّل العراق للتعامل معه ككويتي إذا أرادت، لكن تبقى حادثة إسقاط جنسيته تلغي أثر هذه الوثائق، إذ لم يعد الخالدي من رعايا دولة الكويت قانونًا.

ولحد الآن فالمتوقع أن جمهورية العراق تعرضت لضغوط من حكومة الكويت، وسلمت الخالدي بالمخالفة للقانون المحلي، تغليبا لمصلحتها العليا في الحفاظ على علاقات دبلوماسية وثيقة بالجارة الكويت، وهو أمر مفهوم للأمانة.


أما عن الصورة التي نشرتها الداخلية، كان يمكن للوزارة نشر صورة أخرى لكنها فضّلت هذه الصورة بهدف إذلال الخالدي وإهانته، وهو أمر لا يبشر بالخير أبدًا، بل على العكس من ذلك يثبت أنه يتعرض لمعاملة سيئة وحاطّة بالكرامة منذ لحظة استلامه من العراق، وهناك خشية حقيقية على سلامته والجهات الحقوقية مطالبة بالضغط على الحكومة لعدم تعذيبه أو ضربه وتمكينه من الحق في محاكمة عادلة ونزيهة، كما ويبقى السؤال الأهم ماذا ستفعل بريطانيا مع ما حدث، هل ستلتزم الصمت أم ستمارس ضغطاً على حكومة الكويت لترحيله للمملكة المتحدة؟


وللحديث تتمة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تصنع 100 ألف معارض في 60 يوما؟

لجنة التظلمات تباشر أعمالها… ما العمل؟

الوزير اليوسف يكذب عليكم: جوازات كويتيات المادة الثامنة الزرقاء هي نفسها جوازات المادة 17