هل انتصرت المقاومة في غزة حقًّا؟
بعد عام ونصف من حرب الإبادة التي شنها هذا الكيان البشع، اضطر نتنياهو صاغرًا للذهاب إلى تسوية بشروط المقاومة الفلسطينية، لكن النقاش الذي ظهر في العالم العربي كان حول ماهية نتائج نهاية هذه الحرب، هل انتهت بنصر أم هزيمة للمقاومة؟
هذا النقاش يذكرني بنهاية حرب لبنان 2006 (حرب تموز)، والنقاش الذي انطلق بعد تلك الحرب المدمّرة مع نهاية الحرب، كان يسوق مروجي خطاب الهزيمة إلى الكم الهائل من الدمار والشهداء والجرحى ووو، لكن شهور معدودة من نهاية الحرب، كانت كافية لإثبات من هو المنتصر ومن المنهزم، حين أطلق نقاش داخلي في الكيان عن الفشل والهزيمة المدوية التي مني بها، في الوقت الذي تصرف فيه حزب الله في لبنان كمنتصر أولويته إعادة إعمار لبنان والدخول في تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية لتأمين ظهره وضمان عدم تعرضه لطعنات من الداخل.
اليوم بعد هذه الحرب المدمرة التي أدت لاستشهاد ما يقرب 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح والتي دخل فيها اللبناني واليمني والعراقي والإيراني (من الملفت أن كل هذه الدول قدمت شهداء في هذه المعركة بما فيهم الإيرانيين)، والتي أدت لاستشهاد عدد كبير من قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية السياسيين والعسكريين، فمن الطبيعي أن يخرج لنا من يسأل عن هوية هذا النصر وماهيته، لكن ثقوا تماما أن الأمر لن يدوم طويلا. سيرى العالم بأسره الكيان المنهزم وهو يتعامل مع خسارته بتشكيل لجان التحقيق ومحاسبة المتورطين وأولهم نتنياهو، فيما المقاومة في فلسطين ولبنان ستتعامل هي وشعبها كمنتصر في هذه المعركة وستبني عليها وتراكم القدرات للحرب المقبلة كما عودتنا.
ثم إن أعداد الضحايا المدنيين من جرحى وقتلى، وحجم الدمار في البنى التحتية والمدنية لم يكن يوما من الأيام مقياسا ومعيارا لإثبات نصر هذا الطرف أو هزيمة ذاك. طبيعة الاحتلال أن ما يدفعه من ثمن هو أقل مما يدفعه الشعب الذي يخضع تحت الاحتلال، ولو كان هناك توازن في قوة الطرفين لما تعرض هذا الشعب للاحتلال أصلا، لكن المنتصر هو من يستطيع تحمل الكلفة التي يدفعها في المعركة، قد يتحمل الفيتناميون أكثر من 3 ملايين قتيل، فيما لا يتحمل الأمريكان 60 ألف قتيل، فتنتهي المعركة بنصر الفيتناميين على الأمريكان رغم الفارق الشاسع في عدد الضحايا، وكذلك الأمر بالنسبة للمقاومة الفلسطينية فإنها قد تتحمل 50 ألف شهيد فيما لا يستطيع الكيان المحتل تحمّل ألفي قتيل لتنتهي المعركة بنصر الشعب الفلسطيني.
لكنني في الواقع لم أعد متحمّسًا لمثل هذا النقاش مع من يروج لفكرة الهزيمة، ذلك أن مروجي هذا الخطاب، هم أنفسهم من عملوا طوال 15 شهرا ونيف في ضرب المقاومة في فلسطين ولبنان والتقليل من جبهات الإسناد في العراق واليمن، واعتبار كل هذا العمل أمرا عبثياً غير مؤثرًا على شيء ولا يجلب سوى الويلات للشعب الفلسطيني واللبناني واليمني والعراقي ووو. هؤلاء لم يكونوا يؤمنون بفكرة المقاومة منذ اليوم الأول، ويفضلون الاستسلام والانبطاح للكيان وداعميه عن الوقوف بعزة وشموخ وإن كلفتك هذه الوقفة الكثير الكثير، لذا يا أصدقائي، لا تتعبوا أنفسكم في الحديث إليهم. المجد للمقاومة. المجد للشهداء وكل نصر وأنتم بخير
وللحديث تتمة
تعليقات
إرسال تعليق